عن مشروع مسارات لما بعد النيوليبرالية
يعد برنامجنا، الذي يتخذ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة مقراً له، جزءً من مشروع أضخم يضم جامعات في الهند وجنوب أفريقيا وكولومبيا والمكسيك. ويتمحور تركيز برنامج الجامعة الأمريكية بالقاهرة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ترمي المهمة الرئيسية لبرنامجنا إلى أن المساهمة في تغيير سردية الاقتصاد في الدوائر الأكاديمية ودوائر صنع السياسات، وبالتالي في فهم كيفية ارتباط الاقتصاد بالسياسة، بطريقة تتجاوز المنظور النيوليبرالي السائد. وإننا نرمي إلى ترسيم المعالم النظرية لنموذج تراكم بديل يكون أكثر عدالة واستدامة، حيث ينظر مفهوم "نموذج التراكم" الذي نتبناه إلى إنتاج القيمة الاقتصادية كصيرورة اجتماعية. وهذا إنما يتحدى المقاربة الاقتصادية للسوق باعتباره نطاقاً مستقلاً من الفاعلين الاقتصاديين العقلانيين بصورة رسمية، وهذه المقاربة نفسها متأصلة في النزعة الكلاسيكية الجديدة وفي النيوليبرالية. إن نموذج التراكم يلتقط ديناميكيات القوة وآليات الحوكمة التي يحدث من خلالها التفاعل بين العام والخاص، وبين الاجتماعي-الاقتصادي والسياسي، وبين المحلي والوطني والإقليمي والعالمي.
ويهدف البرنامج من خلال تشديده على البعد الإجرائي العملياتي إلى تجاوز ثنائية الفاعلية - والبنية. كما يرمي المشروع إلى تتبع أنماط التفاعل التي تُنتج وتوزع القيمة من خلالها، وهي الأنماط المتجسدة في السلع والخدمات والأفكار والمعلومات والتكنولوجيا والتقنيات والمهارات ورأس المال المادي والاجتماعي، وذلك على مقاييس متعددة تشمل العديد من الجهات الفاعلة.
يتمثل هدفنا النهائي في صياغة حجج متماسكة ومدروسة جيداً ومختبَرة تجريبياً ومستندة إلى نظريات، بحيث يمكن أن تصبح موضوعاً لنقاش عمومي أوسع نطاقاً داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خاصة، وفي الجنوب العالمي بصفة عامة. ونحن إنما نسعى إلى تحقيق ذلك من خلال إنتاج المعرفة الأكاديمية الدقيقة ونشرها؛ أي تلك المعرفة المتطورة والنقدية والمبتكرة. ومثل هذه الحصيلة إنما يمكن تحقيقها من خلال إقامة روابط وثقى وراسخة مع المجتمعات المعرفية في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والجنوب العالمي وداخل المجال العام.
نعتقد أن تقدم المشروع يعتمد على حشد الأكاديميين والخبراء والممارسين والناشطين الاجتماعيين والمثقفين العموميين بحثاً عن برادايم/منظور سياسي-اقتصادي قادر على أن يحل محل النيوليبرالية. والحال أن هذه عملية تشاورية موسعة وممتدة ينبغي أن تحصل في وقت واحد بين المجتمعات المدنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي حوار مع أعضاء المجتمع المدني العالمي، لا سيما من الجنوب العالمي.